نظم المركز الطاولة المستديرة الثانية وسط مشاركة كبيرة من علماء الدين والمثقفين

20 مارس نظم المركز الطاولة المستديرة الثانية وسط مشاركة كبيرة من علماء الدين والمثقفين

نظم مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان أمس بفندق ملينيوم الدوحة الطاولة المستديرة الثانية لحوار الجاليات بالتعاون مع كل من اللجنة التنظيمية للكنائس المسيحية ومناظرات قطر ومركز الأصدقاء الثقافي تحت عنوان “دور التعليم في تقوية الروابط بين الجاليات في قطر”.

وناقشت الطاولة المستديرة خلال الجلسات المتعددة باستفاضة أهمية المناهج الدراسية في غرس القيم الدينية السوية، ودور المدرسة في ترسيخ الحوار والسبل الكفيلة بدعم الحوار والتفاهم بين الجاليات المختلفة، ودور المؤسسات التعليمية في بناء المجتمعات من المنظور الديني.

شارك في الجلسات عدد من علماء الدين والمثقفين من مختلف الجاليات والأديان في دولة قطر.
وفي كلمته أمام الجلسة الافتتاحية للطاولة المستديرة قال الدكتور إبراهيم النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان إن البشر مخلوقون من نفس واحدة ولا تمييز بينهم إلا بما يحققه كل واحد منهم لصالح البشرية من عمل صالح وعلم نافع، لافتا إلى أن التعارف بين بني البشر واحد من أهم مقاصد الخلق ولا يمكن لهذا التعارف أن يحقق أهدافه الا اذا كان مؤسسا على العلم والاحترام المتبادل بين بني البشر لافتا الى ضرورة التركيز على المصالح المشتركة ونبذ المصالح المتضاربة.

أهمية الحوار
واشار النعيمي إلى ان الاهداف الكبيرة لا يمكن تحقيقها او الاقناع بها بين بني البشر الا بالحوار، مشيرا الى انهم في مركز الدوحة الدولي لحوار الاديان يسعون من اجل ادارة حوار حضاري وهادئ ورصين يقود الانسانية الى الخير والتضامن الحقيقي بين البشر، وذلك من خلال رؤية واضحة ومحددة تقوم على استثمار طاقات الشباب من جهة والقيم الروحية الاصيلة الداعية الى الخير والتعاون الانساني لخير الناس من جهة اخرى، لافتا إلى ان مركز الدوحة الدولي لحوار الاديان اختار موضوع دور التعليم في تقوية الروابط بين الجاليات في قطر تصديقا لقول الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه حين قال: (خير الناس انفعهم للناس).

واشار الى ان مركز الدوحة الدولي لحوار الاديان يدير الحوار ولا يفرضه، لافتا إلى ان الطاولة المستديرة معروفة في التراث الاسلامي كواحدة من تجليات الحوار المؤسس على العلم المبني على الحجة والبرهان، لافتا إلى ان المركز يتخذها اليوم للتعاون بينه ومناظرات قطر واللجنة التنظيمية للكنائس المسيحية ومركز الاصدقاء الثقافي لتقديم نموذج للحوار المبني على الحجة والبرهان وفق منهجية صحيحة.
واضاف ان النجاح في تأسيس الحوار في بيئة التعليم لا يكتمل الا إذا كانت مناهج التعليم تخدم هذا الدور وان تكون هذه المناهج تسري فيها روح بناء القيم الدينية الداعية للخير والبناء، منوها بان المهمة الملقاة على عاتق رجال التعليم والمؤسسات التعليمية من جهة وعلماء ورجال الدين من جهة اخرى مهمة ثقيلة ومسؤولية كبيرة، لافتا إلى ان تلك المؤسسات امام اختبار حقيقي وتحدٍ يكمن في كيفية قيادة البشرية الى الخير والتطور عن طريق الحوار الرصين الهادئ، متمنيا ان تكون الطاولة المستديرة لهذا العام ناجحة في جدواها ونتائجها.

دور قطري بارز
من ناحيته اكد الاب بيل شوارز من اللجنة التنظيمية للكنائس المسيحية اهمية المشاركة بين المنظمات المجتمعية والمدارس والاسرة ودور العبادة في تنشئة الاجيال على احترام الآخر والحوار المشترك، لافتا الى اهمية دعم الفهم المشترك بين الجاليات في قطر، منوها بدور قطر البارز في عملية الحوار بين الجاليات والسماح للجاليات بالتعبير عن نفسها وفقا لمنظورها الخاص، مبينا ان قطر مكان مناسب للحوار للاستفادة من التجارب المشتركة وتعلم الجاليات من بعضها البعض نظرا لتعدد الثقافات التي تتميز بها هذه الجاليات.

من جانبه اشار السيد سعيد محمد من مركز الاصدقاء الثقافي الى اهمية تعزيز الروابط بين الجاليات في قطر، منوها بان تعزيز الروابط يتخذ اهمية خاصة بسبب التنوع الثقافي والديني والعرقي على ارض قطر، منوها بان التعليم سيسهم في ترسخ الحوار واشاعته في المجتمع، مشددا على ضرورة اشاعة التسامح والتعاطف مع الآخرين والرأفة بهم وعدم إيذاء الآخرين، منوها بان الدين يدعو الى مجموعة من القيم السامية، مشيرا في الوقت نفسه إلى ان الانسان بدون هذه القيم التي تدعو لها الاديان السماوية لن يحقق المعاني لهذه الحياة.

وأضاف ان الاديان دعت الى تغذية الروابط بين بني البشر والعلاقات في مستوياتها المختلفة، موضحا الدور الكبير والمهم للتعليم في هذه المنظومة، لاسيما المدرسة، لافتا إلى ان المدرسة تقوي الشعور بالتسامح من خلال الجو العام للمدرسة، كما انها تشكل الفضاء العام للطفل، لافتا الى اهمية الدين في العملية التعليمية.

مناظرات قطر
وشهدت الطاولة المستديرة حلقة نظمها مركز مناظرات قطر شاركت خلالها مجموعة من الطلاب، حيث تبني فريق الرأى المنادي بأهمية إدخال التسامح في المناهج الدراسية، فيما تبني الطرف الآخر عكس هذه النظرية ونادى بان يكون الطالب بعيدا عن هذه النظريات وتركه حتى تتشكل في عقله تلك الاهداف، وأشار الفريق المؤيد إلى ان العالم اليوم يشهد الكثير من النزاعات والصراعات الناتجة بسبب ديني ولابد من ادخال التسامح الديني في المناهج الدراسية، مشيرين إلى ان ذلك يسهم في ايصال التسامح وغرسه لدى اكبر شريحة في المجتمع، مشيرين في هذا الصدد الى محاولة القس الامريكي تيري جونز إحراق القرآن الكريم، منوهين بان ذلك انطلق من عدم معرفة والمام بالاسلام وان المناهج الدراسية باستطاعتها غرس ذلك في المجتمع.

واشار الفريق المعارض إلى ان فكرة احترام الآخر يجب ان تسود لانها اكبر من التسامح، لافتين الى ان تدريس مثل هذه الافكار ربما يكون اكثر جدوى من المرحلة الثانوية. واوضح الفريق المعارض ان الاطفال يواجهون مشاكل في فهم الاشياء التي لا يدركونها باللمس او الحواس ومن المبكر جدا تعليمهم هذه الاشياء المعقدة، منوهين الى اهمية الاسرة في تنشئة الاطفال ودور الآباء والامهات في التنشئة بجانب المدرسة.

التسامح الإسلامي
وفي المناقشات والتعليقات على ما دار في المناظرة اكد فضيلة الشيخ مصطفى الصيرفي ان المتناظرين ركزوا على اخذ رؤيتهم من المفكرين الغربيين، لافتا إلى ان الاسلام يعتبر دين التسامح وقبول الآخر، مبينا ان الاخذ من مصادر غير اسلامية يعبر عن خلل في الجانب التعليمي.
واكد ان التسامح لم يتم رفضه من جانب المسلمين عبر التاريخ، مشيرا في هذا الصدد الى الحقبة الاستعمارية والفكر الاستعماري وعلاقة ذلك بالصليبية، منوها بان ما حدث في تلك الحقبة ارسل اشارة سالبة للمسلمين.

وابان الصيرفي ان المسلمين لم يسبق لهم ان هاجموا سيدنا المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، لافتا الى الهجوم المستمر على الرسول محمد صلوات الله وسلامه عليه من جانب البعض في الغرب.
وأشار الصيرفي الى النموذج القطري في التسامح، لافتا إلى ان قطر تعتبر بلدا للحرية والسلام والتسامح، منوها بان النموذج القطري لا مثيل له في كل العالم داعيا الشباب المسلم الى دراسة التاريخ الاسلامي.

المناهج الدراسية
وفي الجلسة الاولى للطاولة المستديرة، التي جاءت تحت عنوان المناهج الدراسية ودورها في غرس القيم الدينية السوية وادارها الدكتور يوسف الصديقي رئيس قسم الدعوة والثقافة الاسلامية بكلية الشريعة والدراسات الاسلامية بجامعة قطر، وعضو مجلس ادارة مركز الدوحة الدولي لحوار الاديان، اكدت الورقة المشتركة، التي اعدها كل من الدكتورة غدنانة البنعلي من كلية التربية قسم العلوم التربوية بجامعة قطر والدكتور عبدالحي السيد من كلية التربية قسم العلوم التربوية جامعة قطر ان القيم تعتبر من أبرز عوامل ضبط السلوك وتوجيه الأنشطة نحو الأهداف التربوية التي من شأنها تدريب الأطفال على النهج العلمي في التفكير بقصد إحداث تغيير مرغوب فيه في سلوكهم وفي طرق تفكيرهم.

لذا فإن تدريس القيم يعتبر شرطا رئيسا لإتمام عمليه بناء شخصية الطفل. وكنتيجة حتمية للتغيرات الاجتماعية التي شهدها العالم والانتشار الواسع لشبكه المعلومات العالمية (الانترنت) فقد طغت قيم المادة والعلوم والتكنولوجيا على ماعداها من قيم فتراجعت القيم الروحية.

واشارت الورقة إلى ان المدرسة تتطلع إلى بناء شخصية الطفل من جميع جوانبها، مرتكزة على قيم خيرة تنطلق منها، وتعد المناهج الدراسية من أبرز أدوات المدرسة في إكساب المتعلم القيم الاجتماعية السائدة في المجتمع، حيث إن المناهج الدراسية ذات علاقة قوية بالنظام السياسي والاجتماعي (الدين – الثقافة) السائد فهي أسس ومرتكزات يعتمد عليها في بناء المنهج وتصميمه.

ولفتت الورقة إلى ان من أبرز القيم الدينية التي يسعى المنهج المدرسي إلى إكسابها للمتعلمين تتمثل في الصدق، العدل، السلام، الأمانة، التعاون، الوفاء، الولاء والانتماء، حب العمل والإخلاص فيه، احترام النفس، المشورة، إعلاء قيمة العقل، التسامح، حسن الإصغاء، أدب الحوار، وتقدير مشاعر الآخرين وآرائهم، الاعتدال ونبذ التطرف والعنف، احترام الأديان الاخرى.. وغيرها من القيم الدينية.
ولفتت الورقة الى بناء شخصية المتعلم بناء متكاملا من جميع جوانبها المعرفية والمهارية والوجدانية والاجتماعية وتخطيط الأنشطة اللازمة لتزويد المتعلمين بالقيم التي يحتاجون إليها وتدريبهم على ممارستها عمليا ومراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين، وتعليمهم التفكير من خلال المفاهيم والقيم. التطابق بين القيم التي يدرسها المعلم وسلوكة الشخصي داخل الفصل وخارجه.

*دور التعليم
وترأس الجلسة الثانية الاب مكاريوس من اللجنة التنظيمية للكنائس المسيحية وكانت عن دور المدرسة في دعم الحوار والتفاهم بين الجاليات المختلفة تحدث خلالها الدكتورة بتول محيي الدين خليفة من كلية التربية قسم العلوم النفسية بجامعة قطر والسيد بينش كومار سكرتير جمعية الجالية النيبالية والسيدة كوروزون ميدالا مسؤولة الموارد البشرية في المدرسة الفلبينية والسيدة ككانكا ساتي ناير مديرة مدرسة بيرلا الهندية وناقشت الجلسة الثالثة، التي ترأسها الدكتور دين محمد.. العميد المساعد للشؤون الاكاديمية بكلية الشريعة في جامعة قطرمحور دور المؤسسات التعليمية في بناء المجتمعات من المنظور الديني وتحدث خلالها الدكتور جاسر عودة من كلية الدراسات الاسلامية بمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، لافتا الى انه يجب ان تكون المؤسسة التعليمية هي الدائرة الاوسع والدائرة الانسانية التي يلتقي فيها الدين مع المدني.. كما رأى انه يتعين ألا تقصى الدراسات الاسلامية الآخر حتى لا تصبح الدائرة الاسلامية ذات هوية واحدة بل ينبغى على الآخر ان يكون من هذه الدائرة الاوسع.

واشار الى وجود مساحات بين الاديان مشتركة ينبغى التركيز عليها ومنها القيم والتسامح، وذلك حسب سياق المؤسسة التعليمية دينيا او انسانيا مع البحث في دوائر الاتفاق لبناء مؤسسة تعليمية مفيدة.. وقال إن من مهام المؤسسة التعليمية التركيز على نقاط الاختلاف في ما ينبغى فيه الاختلاف كالمسائل العقائدية.
من جانبه اشار الاب باساتنى من اللجنة التنظيمية للكنائس المسيحية الى دور مركز الدوحة الدولى لحوار الاديان في عقد مثل هذه الفعاليات لمناقشة قضايا الجاليات المختلفة ومشاكلها الصغيرة منها والكبيرة عبر التفاهم والحوار.

لافتا الى اهمية احترام الاديان الاخرى لكونها جميعا تحثنا ان نكون ايجابيين وفاعلين في المجتمع وفي الحياة. منوها الى انه في عالم اليوم لا توجد امكانية لفرض اي معتقد او فهم او قناعات على الآخر وان افضل طريق لفهم بعضنا البعض هو الاحترام المتبادل لجميع الاديان. فالدين يعلمنا التسامح وعدم الانحراف والضلالة عن الطريق القويم لنعيش حياة مسالمة.. فكلنا لاله واحد فلماذا نقتل بعضنا البعض ومن المهم ضخ هذه المبادئ الدينية في نفوس الاطفال وان المجتمع التعليمي دور مهم في هذا الصدد. داعيا الجاليات الى الاهتمام بالروحانيات وقال ان الدين هو الوسيلة المثالية لتحقيق هذه الغاية وعدم انتهاك قوانين الانسانية.

تنشئة الأجيال
واكدت الدكتورة اسماء العطية.. الاستاذ المشارك بقسم العلوم النفسية بكلية التربية في جامعة قطر ان هدف اي امة تحرص على تقدمها وازدهارها هو انشاء جيل قوي، صالح ومتعلم ومثقف وواعٍ بمفهوم التربية الاسلامية وما تنشئه من غرس للقيم والمبادئ والمثل العليا.. فالانسان يسمو بنفسه، حيث خلقه الله عز وجل في احسن تقويم ويرتفع بمستوى مجتمعه بآداب التربية الاسلامية التي اصبحت طباعا ملازمة له في سلوكه مما يجعله يؤثر في كل فرد من حوله، وبذلك يكون هذا الانسان قدوة صالحة يقتدى بها.
وقالت إن التربية الحقة هي التي تسعى الى تنشئة الانسان الصالح المتكامل من جميع جوانبه واعداده للمواطنة الصالحة واكسابه القيم التي يرتضيها الدين والمجتمع.. مشيرة الى ان للتربية مؤسسات متعددة تسعى من خلالها الى توصيل رسالتها التربوية.

ودعت الى غرس ثقافة حوارية متقدمة لتحقيق كل ذلك تتجاوز كل الاختلاف، وقالت إن ثقافة الحوار تستند الى عدد من المبادئ منها واقع التعددية الثقافية وتأسيس وتكريس ثقافة الحوار القائمة على مبادئ الديمقراطية والحرية وان حوار الثقافات مشروع حياة البشرية ومستقبلها ووجود حد ادنى من المرجعية المشتركة والدفاع عن قيم جماعية للحرية والعدالة والمساواة، مؤكدة ان ذلك من مهمة المؤسسات التعليمية باعتبارها وحدة متكاملة بما يسودها من نظم ولوائح وادارة مدرسية ومكتبة ومعلمين.. ونوهت بان كل ذلك وسيلة مهمة لاكتساب القيم الاسلامية.

وفي ختام الطاولة المستديرة شكر الدكتور إبراهيم النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الاديان الحضور على مشاركتهم وحديثهم وتفاعلهم مع هذه الفعالية المهمة والحيوية مما يشجع المركز على الاستمرار في عقد المزيد من هذه الانشطة.

لافتا إلى نظرة كل من الشرائع السماوية والفلسفات الوضعية للمجتمعات وربطها والعلاقة بينها وضرورة توافر الفهم الكامل بخصوص كل ذلك وغيره من الاختلافات لدى جميع المؤسسات المعنية.
متمنيا أن يكون المركز قد حالفه التوفيق في تنظيم هذه الطاولة وتحقيق الأهداف التي عقدت من أجلها. وقال إننا سنأخذ ملاحظاتكم ورؤاكم ونناقشها مع الجهات ذات الصلة.

بدون تعليقات

Sorry, the comment form is closed at this time.