مكانة الدين في حياة الشباب في ظل المتغيرات المعاصرة ندوة افتراضية يقيمها مركزالدوحة الدولي لحوارالأديان بالتعاون مع مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر

10 نوفمبر مكانة الدين في حياة الشباب في ظل المتغيرات المعاصرة ندوة افتراضية يقيمها مركزالدوحة الدولي لحوارالأديان بالتعاون مع مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر

مع تزايد الاهتمام في الآونة الأخيرة بقضايا الشباب ومنها قضية (مكانة الدين في حياة الشباب في ظل المتغيرات المعاصرة ) هذه القضية جاءت عنوان الندوة الافتراضية التي عقدها مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان بالتعاون مع مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة قطر، وقد جمعت الندوة مفكرين وباحثين في مجال حوار الأديان من دولة قطر وخارجها .

وتهدف الندوة إلى إبراز خصائص العصر الحاضر والحاجة إلى معرفة التحديات المعاصرة وكذلك النقاش فيما يقدمه الدين من حماية قيمية واجتماعية للشباب ليحققوا وجودهم ويحافظوا على إنسانيتهم، لتفادي الاختزالية المادية التي أوصلتنا إليها الحضارة المعاصرة .

وفي تصريح لسعادةالأستاذ الدكتور إبراهيم النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان عن سبب اختيار موضوع الندوة قال: “إن هذه الندوة تأتي لرصد مكانة ودور الدين في حياة الشباب، وهم الفئة العمرية التي تمثل محطة فائقة الأهمية في عالم اليوم، كقوة دافعة لا يستهان بها لتعزيز السلام وبناء جسور التواصل بين الحضارات والثقافات في ظل العولمة التي ألغت كل الحدود، ووسائل التواصل الاجتماعي التي صارت تحول كل فكرة (صالحة أو طالحة) إلى ثقافة يومية، تنشر ويتم الدعوة إليها والتأثر والتأثير بها”.وأضاف:”إن هذه الندوة تفتح قناة للاستماع إلى الشباب أنفسهم ومناقشتهم حول ما بات يمثله الدين بالنسبة لهم ولأقرانهم، وكيف يرون دور الدين في حل مشكلاتهم وقضاياهم خاصة في هذا العالم المتغير، كما تمثل فرصة تجمع العلماء المتخصصين مع الشباب لبيان هذه المكانة للدين والدور القيمي والمعرفي الذي يمكن أن يؤديه في حياتهم”.كما أكد أهمية الندوة لزرع مفهوم ثقافة الحوار وقبول الآخر بين الشباب الذي صار اليوم ضرورة قصوى، وقال: “من الأهمية بمكان أن يدرك العلماء والمفكرون أن شباب اليوم ينزع ذهنه إلى الموضوعية في الطرح لا التلقين، وإلى المباشرة لا التلميح، وإلى التحليل والإيضاح أكثر من النصح والتوجيه”.

بدوره أوضح في تصريح لهالدكتور يوسف الصديقي عضو مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان والذي يفتتح الندوةوقال:”إن هذه الندوة تأتي في ظل المتغيرات التي يعيشها العالم، والتي تعد قوة ضاغطة على الشباب وقال: ” نحن بحاجة إلى أن نستمع في هذه الندوة إلى وجهات النظر والآراء حول طرق وسبل ومنهجية حماية ووقاية الشباب من الاستجابة لهذه القوى الضاغطة الخارجة عن الخط الفكري السوي”.وشدد على أهمية مشاركة الشباب في جميع فعاليات وأنشطة المركز المحلية والدولية، مشيرا إلى أن المركز سبق وعقد مؤتمرا خاصا بالشباب ضمن سلسلة مؤتمرات لحوار الأديان، الذي جاء موضوعه (دور الشباب في تعزيز قيم الحوار)، كما لفت إلى أن المركز نظم بصورة دورية عددا من الرحلات الخارجية لدول العالم لطلاب المدارس الثانوية وطلاب الجامعات القطرية بهدف الاطلاع والوقوف على الثقافات والحضارات الأخرى، إضافة إلى استضافة المركز طلابا وباحثين من الجامعات في دول العالم، وتنظيم دورات وورش عمل لطلاب المدارس والجامعات، وغير ذلك الكثير من هذه اللقاءات الشبابية.

هذا وتناول المتحدثونفيالندوةفي الجلسة الأولى خصائص العصر والحاجة إلى معرفة متجددة، حيث ناقشوا موضوعات تتمثل في (الأسس المعرفية والنظم التعليمية التقليدية بين الثوابت والمتغير)، و(الشباب وتنوع الوسائل المعرفية المعاصرة -وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الجديد-)، و(العولمة الفكرية وتوجيه المسار الفكري والأخلاقي للشباب).

أما في الجلسة الثانية فتناول المشاركون دور الدين في توفير الحماية القيمية والاجتماعية للشباب، حيث تركزت النقاشات حول (الشباب والثوابت الدينية والأخلاقية وأثر التغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية)، و(الخطاب الديني للشباب- هل حقا يحتاج إلى تغيير؟)، و(الدين ومقاصد الشباب وغاياتهم- عامل بناء ودفع أم مانع ومعيق؟).

وأشار المتحدثون إلى أبرز التحديات الثقافية والسياسية والاتصالية التي تشكل قوى ضاغطة على الشباب، مؤكدين على الحاجة الملحة إلى سياج روحي يحميهم من التقلبات العاصفة، ويرشدهم إلى سبل الاستقرار والسلام والتفاعل الحضاري في ظل القيم الأخلاقية والروحية التي حثت عليها الأديان في منابعها الصافية.

وفي سياق تشخيصه لهذا الواقع، أشار الدكتور يوسف الصديقي عضو مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان خلال الندوة إلى ما شهده الواقع في بداية الألفية الثالثة من تحولاتٍ عميقة وجذريةً شكلت أحداثًا وتغيرات مهمة في مجالاتِ الحياةِ المعاصرة، وتحديات سياسية واجتماعية وثقافية واتصالية وتقنية، وقال إن هذه التحولات جميعها تشكل قوة ضاغطة على حياة الشباب وتوجهاتِهم وأفكارِهم، ومن ثم تنعكس على حركة المجتمع المادية والفكرية والحياتية الاجتماعية والسياسية والأخلاقية؛ نتيجة للانفجار المعرفيِّ الهائلِ مع تطوُّر وسائلِ الإعلام وثورةِ الاتصال الناقلِ للمعلومة بسرعةٍ فائقةٍ للأفكار والثقافات والحضارات، والآراء والفلسفات والأيديولوجيات من بيئةٍ إلى أخرى. كما أشار إلى ما أفرزته هذه المعارف والتقنيات الحديثة، وثورة الاتصالات والمعلومات والعولمة على أساليبِ الحياةِ والتفكيرِ والقيم، مما أدى إلى تحولات وتغيرات على مستوى الوعيِّ الاجتماعيّ والثقافيّ والسياسيّ، ليصبح مفهومُ حمايةِ المجتمعات والشباب هاجسًا يفوق في بعض جوانبه الهاجسَ السياسيَّ والاقتصاديّ في عالم اليوم.. محذرا من أن غيابَ الأمن العقدي والنفسي والفكري للشباب والمجتمع يُقوِّضُ أُسسَ الاستقرار النفسي، والروحي، والاجتماعي للمجتمعات، والدول، وأضاف أن الأمن النفسي والروحيّ والاستقرارَ في المجتمع الإنساني مَطلب ملحّ للمفكرين والعلماء والباحثين والمربيين، مؤكدا أن أمنَ الشبابِ وتحصينَهم دينيًّا في ظلِّ هذه المتغيرات يُعد مَطلبًا مُلحًّا لاستقرار الأمن الفكري؛ لأنه إذا امتلك فكرًا ودينًا سليمًا استطاع أن ينعمَ بالأمنِ والاستقرارِ الشامل الذي تنشده الإنسانيةُ الرشيدةُ الساعية إلى الخير والاستقرار، وهذا منوطٌ بالمؤسسات الدينية والتربوية التعليمية، وبالعلماء والمفكرين والأنظمة السياسية.

بدوره لفت الدكتور التيجاني عبدالقادر حامد من مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية والاجتماعية إلى أن أهم متغير في العصر الراهن يتمثل في ثورة المعلومات والطوفان الرقمي وما ترتب عليه من سقوط الحواجز الجغرافية والسياسية والثقافية والأيديولوجية والفكرية ليتحول العالم إلى مجتمع افتراضي تتزاحم فيه القيم وتتصادم فيه الأيديولوجيات مما يخلق تحديات عميقة أمام الأجيال المعاصرة لاسيما فئة الشباب، وقال: إن التركيز على فئة الشباب عند الحديث عن هذه التحديات يأتي من تميز هذه الفئة بشيء من القلق والحيرة والتمرد والطموح، والرغبة الجامعة في التغيير والتحول والتجربة والاختبار والمغامرة مما يجعلها الأكثر تأثرا بالتحولات الراهنة التي تصنعها التكنولوجيا، وعن عنصر الدين ومكانته لدى الشباب، الذي تناقشه الندوة، أوضح الدكتور حامد أن هذه القضية واحدة من المعضلات التي تواجه الشباب نتيجة الغفلة وتجاهل الثابت والمتغير في الأديان، وعدم إدراك الربط بين “الواقع و”المثال”.. مشددا على الحاجة إلى جهد معرفي لربط المجتمعات والأجيال الشابة وتنويرهم بهذه المفاهيم إحياء لقيم الدين وتعزيزا لمكانته في المجتمعات المعاصرة.

وفي هذا السياق، أكد الدكتور بدران بن لحسنالباحث بمركز ابن خلدون أن الشباب بحاجة إلى منابع روحية وقيم صافية في ظل واقع متشابك تحكمه العولمة وتعصف به تحديات فرضتها التقنيات المعاصرة بكل ما تحمله من أفكار ورؤى ومعارف يبعث بعضها على الحيرة في أوساط الشباب.

ومن جانبها حذرت الدكتور مريم آيت أحمدرئيسة مركز إنماء للدراسات والأبحاث المستقبلية، وأستاذة التعليم العالي والعلوم الدينية في جامعة ابن طفيل بالمغرب، من تبعات هذه الانفجار المعرفي الهائل الذي ولد معه موجات إلحادية تتنكر للأديان وقيمها الروحية.. داعية إلى إحياء فريضة الاجتهاد لتنوير الشباب والإجابة على تساؤلاتهم المعاصرة والاستجابة الفاعلة للتحديات العلمية والفكرية الراهنة.

وبدوره طالب الدكتور بنيامين إدريس رئيس منتدى ميونخ الإسلامي بألمانيا، بضرورة تحديث العلوم الإسلامية لمواجهة التحديات المعاصرة للجيل الجديد..مشيرا إلى أن الشباب المسلم وغير المسلم في الغرب يواجهون معضلات حقيقية في مسائل معاصرة اجتماعية وثقافية ومالية تتطلب جهدا فقهيا للرد عليها.. كما حث الدكتور مصطفى أبو صوي من جامعة القدس على ضرورة تجديد الفكر الإسلامي بين أصول الدين الثابتة والواقع المتغير.

وعرض الدكتور ماثيو كايمينجك مدير معهد ريتشارد جون ما للإيمان والحياة العامة بالولايات المتحدة الامريكية طبيعة التحديات التي تواجه الشباب المسيحي في الغرب نتيجة المادية المفرطة والتنصل من القيم الروحية الضامنة لبناء الإنسان السوي.

وعن دور الدين في توفير الحماية القيمية والاجتماعية للشباب، عرض الدكتور أليستير دافيسون المدير التنفيذي لمعهد قرطبة للسلام، آليات رآها موائمة لتعزيز دور الشباب ومنها إشراكهم في تعزيز السلام والتماسك الاجتماعي، مقدما تجربة المعهد في المجتمعات الافريقية على هذا الصعيد، بينما قدمت الدكتورة سابيرينا لي مديرة مركز تواصل الأوروبي للأبحاث والحوار بإيطاليا رؤيتها لتعزيز دور الدين في حياة الشباب.

وتحدث السيد طه آيهان رئيس منتدى التعاون الإسلامي للشباب في إسطنبول عن ربط الشباب بالقيم الدينية، مشيرا في هذا السياق إلى منتدى التعاون الإسلامي للشباب، في حين تحدث الدكتور كريج كونسيدين من جامعة رايس بالولايات المتحدة عن ضرورة تحديث الملاءمة والبحث عن التوجيه في القرن الحادي والعشرين، لتختتم الندوة بمداخلة للسيدة أيان سعيد رئيسة مؤسسة (فويسينغ فويسز) بعنوان ” الالتزام سبيل النجاح”.

بدون تعليقات

Sorry, the comment form is closed at this time.