شهدت البوسنة إحياء الذكرى السنوية الـ 26 لمجزرة سريبرنيتسا

02 أغسطس شهدت البوسنة إحياء الذكرى السنوية الـ 26 لمجزرة سريبرنيتسا

شهدت منطقة سريبرنيتسا الواقعة في البوسنة والهرسك يوم الاحد الماضي الموافق 11 يوليو 2021 إحياء الذكرى السنوية السادسة والعشرين لأكبر إبادة جماعية إرتكبتها القوات الصربية هناك، والتي تعد أسؤ مذبحة حدثت على الأراضي الاوروبية منذ الهولوكوست عام 1945، وقامت البوسنة بهذه المناسبة بدفن 19 من بقايا ضحايا هذه المجزرة (الذين عثر عليهم مؤخراً) في المقبرة التذكارية المخصصة لدفن الضحايا حيث تجمع الآلاف تكريماً لهم.

إندلعت حرب البوسنة في عام 1992 بسبب النزعة القوية العرقية أثناء تفكك دولة يوغوسلافيا إلى الدول الحالية، وكان لهذه الحرب هدفين أساسيين هما: الصراع على السلطة والتطهير العرقي الممنهج ضد مسلمي البوشناق في شرق البوسنة، حيث استولت القوات العسكرية الصربية على مدينة سراييفو في عام 1992 تحت قيادة الجنرال راتكو ملاديتش، ثم تمكنت من السيطرة على سربرنيتسا وسيبا التي حددتها الأمم المتحدة منطقة آمنة إبان الحرب ما بين 1992 و1995 حتى يلجأ إليها البوسنيون المسلمون النازحون. مما أسفر عن مقتل حوالي 100 ألف مدني بوسني، وتشريد أكثر من 2 مليون شخص وإغتصاب ما بين 20 ألف إلى 50 ألف إمرأة، وإعدام أكثر من 7000 أسير من مسلمي البوسنة، كما أعُتبر أكثر من 40 ألف شخص في عداد المفقودين. في سريبرنيتسا وحدها هناك ما يقارب من 8000 شهيد من الذين قتلوا في المجزرة المروعة التي نفذتها القوات الصربية ومنذ حدوث هذه الابادة الجماعية ولا يزال البوسنيون يقومون بإكتشاف ودفن جثث جديدة عثر عليها في مقابر جماعية سرية.

لن ينسى العالم الفظائع والجراح والظلم والكراهية التي خلفتها تلك الحرب، معلناً في كل عام عن تعهده بعدم السماح بوقوع جرائم حرب أخرى مثل تلك التي وقعت هناك. ولكن تتفاقم مثل هذه الجرائم ضد الانسانية في ظل الأيديولوجيات اللإنسانية المتمثلة في تصاعد الأفكار الداعية للقومية العرقية والدينية التي يشهدها العالم كل يوم، والتي من أبرزها التفوق العرقي والديني والتمييز العنصري ، إلا أن دروس الماضي تعد تحذيرات خطيرة لما يمكن ان تحدثه مثل هذه الإيدولوجيات في المستقبل. فلا يمكن تحقيق التعايش السلمي والتسامح الديني والتفاهم والاحترام المتبادل بين الأديان، بدون تظافر الجهود الحكومية والمجتمعية والعمل معاً بشكل فعال لتحويل الصراع إلى سلام عن طريق الحوار بين الأديان

وبناءً على ما سبق، يدين مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان بشدة الأعمال الإرهابية والعنصرية والكراهية ويقدم أحر التعازي لأسر الضحايا والناجين من المجزرة الجماعية في سريبرينيتسا بمناسبة إحياء هذه الذكرى المروعة، كما يدعو جميع السلطات الحكومية إلى الوقوف جنباً إلى جنب واعطاء الأولوية لحماية حقوق الأقليات العرقية والدينية .

ومن الجدير بالذكر يعد مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان أحد المؤسسات الرائدة بين الأديان في الشرق الأوسط فمنذ نشأته في عام 2007 وهو يسعى لتعزيز وغرس قيم التعايش السلمي والتسامح الديني ، ومن أهم أهدافه إعطاء الأولوية لحماية حقوق الأقليات العرقية والدينية . ولا يألو جهداً في العمل الدؤوب لبناء جسور التواصل بين الناس من مختلف الثقافات والأديان والحضارات.

وقد قام المركز بتوقيع مذكرة تفاهم في عام 2011 م مع جامعة سراييفو، كان من اهم نتائجها قيام المركز بتنظيم مؤتمر دولي في عام 2012 مع الجامعة نفسها ولمدة يومين تحت عنوان ” دور التعليم في تعزيز السلام العالمي والتسامح الديني في جنوب شرق أوروبا” وقد صادف انعقاد المؤتمر الذكرى العشرين لحصار جامعة سراييفو، واستهدف المؤتمر دعم الجهود المبذولة لتعزيز القيم الإنسانية ووجهات النظر العالمية في انظمة التعليم . وجمع علماء دين وأكاديمين بارزين من 13 دولة حول العالم هي : قطر والبوسنة والهرسك وألبانيا وكرواتيا وإيطاليا والأردن ولبنان ومقدونيا وفلسطين والولايات المتحدة الأمريكية وسلوفينيا وصربيا وتركيا. لمناقشة أهمية التعليم في مكافحة العنصرية والكراهية العرقية والدينية وتصميم المناهج لتحقيق ذلك. حضر المؤتمر الأستاذ الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، والآستاذة الدكتورة عائشة يوسف المناعي نائب رئيس مجلس إدارة المركز ، كما شارك الدكتور إبراهيم بإلقاء كلمة في هذا المؤتمر الذي اختتم بعد ذلك بزيارة إلى النصب التذكاري للأطفال الذين قتلوا أثناء حصار سراييفو خلال الفترة من 1992 إلى 1995 ووضعوا الزهور على قاعدة النصب التذكاري الذي حمل أسم 521 طفلاً مقتولاً في تلك الحرب

بدون تعليقات

Sorry, the comment form is closed at this time.