الدوحة لحوار الأديان.. مركز دولي يقاوم الكراهية

10 يونيو الدوحة لحوار الأديان.. مركز دولي يقاوم الكراهية

أصدر حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى بداية الشهر الجاري القرار الأميري رقم (20) لسنة 2010 بالموافقة على إنشاء مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان والذي يهدف إلى دعم وتعزيز ثقافة الحوار بين الأديان، والتعايش السلمي بين معتنقي الأديان، وتفعيل القيم الدينية لمعالجة القضايا والمشكلات التي تهم البشرية.
ولقي قرار إنشاء المركز ترحيبًا كبيراً من عدد من العلماء والباحثين المهتمين بقضية الحوار والتعاون بين الحضارات والثقافات المختلفة، حيث أشاد العلماء بهذا القرار، معتبرين أن إنشاء المركز يساهم في دفع الجهود المبذولة في مد جسور التعاون والتفاهم بين الحضارات والثقافات المختلفة، مما يساهم في إشاعة جو من السلام والعدالة، وتخفيف حدة الاحتقان الموجودة بسبب جهل الأطراف لبعضها، ودخول المتطرفين من الجانبين على خط إشعال الكراهية بين الشعوب.

وأكدوا على عدة ضوابط ومعايير لضمان نجاح جهود الحوار، وعلى رأسها أن يكون الحوار بين اتباع الأديان وليس بين الأديان نفسها، بمعنى أن يتجنب الحوار الدخول في المسائل العقائدية والدينية، والتركيز على القضايا الإنسانية والأخلاقية المشتركة بين الأديان السماوية.
وأوضحوا أن الحوار حول العقائد سيؤدي إلى مزيد من الفرقة والانقسام، لأن كل طرف لن يتخلى عن عقيدته وسيدافع عنها في وجه الآخرين، فيما سيؤدي الحديث حول القيم والأخلاق المشتركة إلى مزيد من التقارب والتفاهم وإشاعة التعايش المشترك، مثل حرمة الزنى والشذوذ والظلم، والدعوة إلى الأخلاق والعدل واحترام حقوق الإنسان.

وأكدوا أن الحوار يكون فقط بين المسلمين والأطراف المسالمة غير المعتدية على ديار الإسلام أو عقيدتهم، مشيرين إلى رفض الحوار مع الحاخامات اليهود الموجودين داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة والذين يشجعون على إبادة العرب والمسلمين.

د. خالد الهنداوي : حجة ضد اتهام الإسلام بالعنف والكراهية
قال د. خالد الهنداوي إن إقامة مثل هذه المراكز القيمة تمثل فرصة كبيرة لإقامة الحجة على كل من يتهم الإسلام والمسلمين بالكراهية والعنف وإقصاء الآخر.

واضاف: إن الكثير من الغربيين المعادين للإسلام والمسلمين يتهموننا بالعنف والإرهاب وإشاعة الكراهية، وإننا لا نقبل الحوار والتفاهم مع الآخرين، وهذا المركز يمثل حجة دامغة لكل من يتهم الإسلام والمسلمين بهذه التهم الباطلة، فإقامة هذا المركز يوضح للجميع أننا دعاة حوار وسلام، وأن الإسلام دين التسامح والعدالة والسلام.

وأضاف: إذا كان هناك بعض السلبيات في الحوارات السابقة، فإن إقامة مؤسسة تتبنى قضية الحوار وتعمل على تفعيله، أفضل بكثير من نفي هذا الحوار، خاصة أن إقامة حجة الإسلام على الجميع تؤدي إلى إسلام الكثير بعدما يتعرفوا على حقيقة الإسلام ومبادئه الأصيلة، وهذا ما لمسناه خلال زيارة العديد من الدول الغربية.

وأكد على أهمية الحوار بين اتباع الأديان المختلفة، مستشهدًا بقول العلماء “إذا اختلفنا في الأديان فإن الحاجة تجمعنا”، لافتًا إلى أن حاجة البشر في التعايش المشترك تدفع إلى الاعتناء بقضية الحوار والتفاهم والتعاون على قاعدة من القيم والأخلاق والمبادئ المشتركة.
وشدد على ضرورة الابتعاد عن الجدل في العقائد، داعيًا إلى التركيز على القضايا الإنسانية المشتركة، والتبادل الثقافي الذي لا يؤثر على هوية الأمة وثقافتها، ويؤدي إلى تمييع القضايا الكبرى، مضيفًا: لذلك نقول دائمًا إن مصطلح حوار الأديان هو مصطلح مجازي المقصود منه هو حوار اتباع الأديان وليس الأديان نفسها، حوار يهدف إلى وضع أرضية للتعايش بين هؤلاء الاتباع بشكل سملي وعادل لجمع الأطراف دون تمييز بمختلف المستويات والأشكال.

ويهدف المركز كما جاء في وثيقة التأسيس إلى تعزيز ثقافة التعايش السلمي وقبول الآخر، وتفعيل القيم الدينية لمعالجة القضايا والمشكلات التي تهم البشرية، وتوسيع مضمون الحوار ليشمل جوانب الحياة المتفاعلة مع الدين، وتوسيع دائرة الحوار لتشمل الباحثين والأكاديميين والمهتمين بالعلاقة بين القيم الدينية وقضايا الحياة، وتوفير المعلومات العلمية والتعليمية والتدريبية في مجالات اختصاصه.

ولتحقيق هذه الأهداف، يعمل المركز على جمع المعلومات وصياغة ونشر وبث الدراسات والأبحاث والتحليلات المعنية بحوار الأديان، وتنظيم الزيارات والمؤتمرات، والندوات، واللقاءات، وورش العمل، والنقاشات، وغيرها من اشكال الحوار المرتبطة بالأديان، والتعاون مع المؤسسات الاقليمية والدولية العاملة في مجال حوار الأديان، عبر تبادل المعلومات واقامة فعاليات مشتركة وإنشاء شراكات منتظمة.

د. عبدالحميد الأنصاري: العالم يحتاج المركز لتخفيف الصراع بين المتشددين
رحب د. عبدالحميد الأنصاري عميد كلية الشريعة سابقًا بإنشاء مركز الدوحة لحوار الأديان، مشيرًا إلى أهمية مثل هذه المراكز في دعم الحوار وتشجيعه بين اتباع الديانات المختلفة في عالمنا المعاصر.

وأكد الأنصاري أن المشترك الديني والأخلاقي الذي يجمع اتباع الديانات السماوية أكبر بكثير من الخلافات التي تفرقهم وتؤدي إلى صراع دائم دون نتيجة ملموسة.
وقال: وليس بمستغرب أن تبادر دولة قطر بهذه الخطوة الكبيرة، فقد احتضنت على مر الأعوام الماضية العديد من المؤتمرات والندوات المتعلقة بحوار الثقافات والحضارات والأديان المختلفة، وكانت سباقة دائما في هذا المجال الحيوي الذي يؤدي غايات نبيلة في ظل هذا العالم المتخم بالصراعات والنزاعات على شتى المستويات. وأضاف: العالم بحاجة لهذا المركز لتخفيف حدة الصراعات والمواجهات الناشئة من جهل الأطراف بعضها لبعض، ونتيجة لتفشي التعصب والتطرف لدى جميع الأطراف، فضلا عن المصالح السياسية التي تؤجج نار الفتنة والكراهية بين اتباع الديانات السماوية.

وأشار إلى أن الهدف من الحوار بين اتباع الديانات ليس الإقناع والدعوة إلى دين الآخر، لكنه يهدف إلى الاتفاق على القواسم المشتركة الموجودة في كل الأديان والتي تتيح للجميع التعايش السلمي والبناء لصالح الإنسانية بشكل عام، والتفاهم لجعل الحياة أفضل لجميع الأطراف على حد سواء. وأضاف: الهدف الأسمى هو أننا أبناء ديانات سماوية، ويجب أن يكون بيننا تعاون وتفاهم، لنحجم دعاة الكراهية والتطرف في الجانبين، والذين يريدون قطع جسور التواصل بين الشعوب والحضارات، لذلك يجب أن يكون هدف الحوار هو تقوية هذه الجسور ومدها لينعم الجميع بنعمة الأمن والسلام.

وشدد على ضرورة أن يكون الحوار بين الأطراف الداعية للسلام والتعايش وإرساء حقوق الإنسان والمساواة وعدم التمييز العنصري أو المذهبي، وليس مع دعاة الكراهية والحقد، أو مع من يرون تميز جنس على جنس، أو مع من يريدون سيادة العالم.

ودعا إلى ابتعاد الحوار عن المسائل الدينية والعقيدة والتي لا يمكن أن يتنازل فيها أي طرف، وبالتالي لا يكون هناك جدوى للحوار، لكن يكون الحوار حول المصالح المشتركة وكيفية التواصل والتعاون على اسس من الأخلاق والقيم والفضائل. كما دعا إلى عدم تسيس مثل هذه الحوارات، مضيفًا: فالتسيس سيؤدي إلى الفشل في النهاية، لأن السياسة قائمة على المصالح والأهواء وحب السيطرة على الجميع.

د. علي القرة داغي : القواسم المشتركة بين أتباع الديانات السماوية متعددة
أشاد د.علي محيي الدين القرة داغي استاذ الشريعة رئيس لجنة القضايا والأقليات بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بقرار إنشاء مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، معتبره فرصة مهمة لتهدئة المشاكل المتصاعدة في العالم.

وأكد أن إنشاء المركز سيساهم في دفع جهود التهدئة والتعاون بين اتباع الأديان المختلفة، مشيرًا إلى أن الأديان تدعو إلى السلم والعدالة والتعاون المشترك.
وشدد على أن الإسلام دين حوار، وأن القرآن الكريم هو كتاب حوار بالأساس، لافتًا إلى أن الحوار يأتي في القرآن الكريم بمعنى الجدال أو الحوار، وذلك في سياق الحديث عن أهل الكتاب وكيفية التعامل معهم.

وأوضح أن مثل هذه المراكز تدعم جهود الاتحاد العالمي لعماء المسلمين الذي يسعى إلى تقديم صورة الإسلام بشكلها الصحيح، والدفاع عن قضايا الإسلام والمسلمين في كل مكان.
ولفت إلى ضرورة أن يعي الجميع أن الحوار مقصود به الحوار بين اتباع الأديان وليس بين الأديان ذاتها، وذلك بهدف الوصول إلى القيم والمبادئ المشتركة التي تساعد على التعاون والتفاهم المشترك، مؤكدًا ضرورة الابتعاد عن العقائد حتى لا يتحول الحوار إلى جدل بيزنطي لا جدوى منه.

وذكر أن القواسم المشتركة بين اتباع الديانات السماوية متعددة ويمكن البناء عليها مثل حرمة الشذوذ والظلم والعدوان، وضرب مثالا حول ذلك بالتعاون بين اتباع الديانات للقضاء على الشيوعية والإلحاد في العقود السابقة.
(الراية)

بدون تعليقات

Sorry, the comment form is closed at this time.