اتحاد العلماء يطلق مبادرة حوار مع الديانات الشرقية

31 يناير اتحاد العلماء يطلق مبادرة حوار مع الديانات الشرقية

أعلن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إطلاق مبادرة للحوار بين الإسلام وأتباع الديانات الشرقية الموجودة في آسيا (الهندوسية، والبوذية، والسيخية، والجينية، وغيرها) من خلال ندوة تنظمها لجنة القضايا والأقليات الإسلامية التابعة للاتحاد -لأول مرة- في العاصمة الهندية نيودلهي يومي 20 و21 فبراير 2010، ومن المقرر أن يتسع الحوار لاحقا ليشمل أتباع تلك الديانات في باقي أنحاء العالم.

وأوضح الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد أن التفاهم والتقارب مع أتباع هذه الديانات أفضل من التباعد؛ لأن كثيرا من المسلمين يعيشون متجاورين أو متلاصقين معهم، بينما أكد رئيس لجنة القضايا والأقليات الإسلامية أن أحد أهم أسباب هذا الحوار هو مواجهة محاولات الغربيين المتشددين والصهاينة نشر الإسلاموفوبيا في مناطق أتباع تلك الديانات.

وفي رده على تساؤل مراسل “إسلام أون لاين.نت” حول مبررات إطلاق هذا الحوار مع أتباع الديانات الأخرى، قال القرضاوي خلال مؤتمر صحفي عقده السبت 30/1/2010 في العاصمة القطرية الدوحة: “هناك أكثر من رابطة بيننا وبينهم؛ فكثير من المسلمين يعيشون بين أصحاب هذه الديانات متجاورين ومتلاصقين، إما كجيران مثل باكستان، وأفغانستان، وبنجلاديش، أو أقليات كما في الصين، والهند، وسريلانكا، وبورما، وتايلاند، وكذلك هناك جالية كبيرة من معتنقي هذه الديانات منتشرة في الكثير من دول العالم الإسلامي، خاصة في منطقة الخليج، فلابد أن تكون علاقتنا بهم حسنة بدلا من التوتر”.

كما أشار القرضاوي إلى أن من بين أسباب أهمية إجراء هذا الحوار أن مجموع الوثنيين في العالم أكثر عددا من مجموع الكتابيين (أتباع الديانات السماوية الثلاث)؛ حيث قد يصل عدد أتباعها في الهند والصين واليابان وتايلاند وبورما وفيتنام وغيرها إلى حدود نصف سكان العالم أو أكثر تقريبا (ثلاثة مليارات)، ومن أجل هذا اهتممنا نحن في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بالعمل الجدي، والسعي الحثيث لتقوية العلاقات بهذه الأديان.

وأوضح القرضاوي أن التفاهم والتقارب مع أتباع هذه الديانات أفضل من التباعد؛ لأن التباعد لا ينتج عنه سوى سوء الفهم وسوء الظن، والخشية من الآخر، والتقارب يجعلك تفهمه أكثر، وتعرفه ويعرفك؛ لذلك ندعو للتفاهم لأنه أساس التعارف، والآية الكريمة تقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}، معتبرا أن هذا الحوار يأتي في سياق نشر دعوة الإسلام؛ لأن الدعوة تنتشر في وقت السلم لا وقت التوتر.

وشدد على أن الإسلام يدعو لثقافة السلم بدلا من ثقافة الحرب، وثقافة الحوار بدلا من ثقافة الصدام، وثقافة الحب بدلا من ثقافة الكراهية، بحد قوله.

واعتبر القرضاوي أن الحوار مع أتباع الديانات الشرقية جاء متأخرا، قائلا: “لقد ركز المسلمون في السنوات والعقود والقرون الماضية على العلاقات بين أتباع الأديان الكتابية مثل النصرانية واليهودية، وأهملوا كثيرا الاتصال بأتباع الأديان الشرقية مثل البوذية، والهندوسية، مع أنها تنتشر في مناطق قريبة من بلدانهم”.
وبين أنه سبق أن دعا إلى إجراء مثل هذا الحوار (مع أتباع الديانات الشرقية) خلال مؤتمر حوار الأديان الذي عقد قبل سنتين في مكة المكرمة.

وعن ظروف الإعداد للندوة المزمع عقدها بالهند، قال القرضاوي: إن لجنة القضايا والأقليات الإسلامية بالاتحاد قامت بجهد في تجميع الفئات والطوائف والقوى الإسلامية الكبرى المختلفة في الهند، وجمعهم في مؤتمر بالدوحة عقد في يونيو 2008، وتمخض عنه التوصية بعقد ندوة للحوار مع الأديان الشرقية الكبرى مثل البوذية والهندوسية.

وبين أن الندوة ستعقد تحت رعاية نائب رئيس الجمهورية الهندي “المسلم” حامد الأنصاري، وستكون هناك دراسات وبحوث، وستنتهي إلى توصيات يكون فيها التقارب والتفاهم، مشيرا إلى أن هذه الندوة خطوة للأمام في علاقة الأمة الإسلامية بجيرانها من أصحاب الديانات الأخرى التي تعيش في الهند والصين واليابان.
ورأى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أن الحوار مع هذه الديانات لا يعني أن الاتحاد يقر الوثنية، غير أن هناك أسسا للتسامح مع المخالفين نص عليها الإسلام، “ومنها أن هذا الاختلاف في الديانات واقع بمشيئة الله، وأن حساب الناس على أديانهم يكون بين يدي الله وليس في الدنيا”.

وأوضح القرضاوي أن آسيا هي أول الطريق للحوار؛ باعتبارها قارة كبيرة فيها ديانات وفلسفات مختلفة، وسيتبعها قارة إفريقيا، وباقي القارات تباعا.

الكاثوليك واليهود
وفي رده على تساؤل حول اعتذاره عن الحوار مع أتباع ديانات أخرى، بين القرضاوي أنه رفض الحوار مع اليهود؛ لأنهم يغتصبون فلسطين، ويقاتلون أهلها، ولا أجلس معهم حتى تحل مشكلة فلسطين.
وتابع: كذلك لا نتحاور مع الكاثوليك؛ وذلك بعد رفض بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر الاعتذار للمسلمين عن إساءته للإسلام بمحاضرته الشهيرة، مشيرا إلى أن الاتحاد جمد العلاقة مع الفاتيكان حتى يصدر من البابا أمر آخر يستوجب منه أن نبدأ معه حوارا من جديد، أما الأديان الأخرى فنحاورها.

مواجهة الإسلاموفوبيا
ومن جهته، قال الدكتور علي محيي الدين القره داغي رئيس لجنة القضايا والأقليات الإسلامية: إن تنظيم هذه الندوة يأتي “في إطار أهداف الاتحاد الرامية إلى تحقيق السلم والتعايش والتحاور مع الآخرين”.
وبين أن هذه المبادرة جاءت “من أجل التحاور مع أهل هذه الأديان حول سبل التعايش والتعاون والتعارف، وليس من أجل التحاور بشأن مضمون هذه الأديان”.

وعن سبب اختيار الهند لعقد الندوة بها، قال القره داغي: إن الأقلية المسلمة في الهند هي أكبر أقلية مسلمة تعيش خارج العالم الإسلامي (قرابة 180 مليونا)؛ ولذلك قررنا أن نبدأ بها، إضافة للأهمية الإستراتيجية في المستقبل القريب للهند على الساحة الدولية.

وأضاف: ومن المهم أن تكون هذه الأقلية موحدة ومنظمة من أجل التأثير في الواقع السياسي لهذه القوة الصاعدة في المستقبل القريب، وكذلك العمل على ربط علاقات تعاون بين هذه البلاد والعالم الإسلامي، على عكس ما هو حاصل الآن بين العالم الإسلامي وأوروبا وأمريكا كقوتين دوليتين.

وأوضح رئيس لجنة القضايا والأقليات الإسلامية بقوله: “وكذلك إمكانية الحد من الآثار السلبية، والمساهمة في معالجة بعض القضايا التي تعيشها بعض الأقليات الإسلامية في بعض من البلدان ذات الأغلبية من معتنقي هذه الديانات مثل قضية كشمير وبورما وتايلاند وغيرها.

وتابع: كذلك فمن خلال رصدنا فإن الغربيين -ولاسيما المتشددين منهم، وبالأخص الصهاينة، وكذلك المسيحية المتصهينة- حاولوا نشر الإسلاموفوبيا والخوف من الإسلام في الهند والصين، وقبل أن تصل هذه الفتنة ولا يستفيد منها سوى أعداء الإسلام لابد أن يكون للاتحاد دور، مشيرا إلى أهمية توطيد الصلة بيننا وبين أتباع هذه الأديان قبل أن تنتشر هذه الفتنة.

وبين أن الندوة ستناقش قضية التعارف والتقارب، وكيف نتفادى هذه الفتة الكبيرة التي كادت أن تنتشر في العالم.

ومن المقرر أن يشارك في هذه الندوة نحو مائتي شخصية من عدة دول وديانات، بينهم رجال دين، وساسة، وأساتذة جامعات، وباحثون، وستتعرض الندوة لعدد من الموضوعات، من بينها أسس ومقومات الحوار بين الإسلام والديانات الشرقية، والواقع المحلي للأقلية الإسلامية في الهند والصين، ومجالات التعامل والتعاون بين المسلمين وغيرهم، وعلاقة المسلم بغيره في المنظور الإسلامي.

(إسلام أون لاين)

بدون تعليقات

Sorry, the comment form is closed at this time.